أرشيف

مقابلة خاصة : خبير امني يمني إذا انتصرت إرادة الشعب اليمني، ستكون ثورته مفتاحا لإزالة الطغاة في المنطقة العربية

حذر خبير أمني يمني من خطورة المأزق الذي تعيشه اليمن وبعض الدول العربية الاخرى واصفا ما يحدث في الوطن العربي بالعمل المخطط والمدبر ، ويسعى لتدمير مراكز القوة في الأمة بأسلوب سلس ومتسلسل ، بحيث تتساقط أنظمة الحكم مع شعوبها في براثن الفتن والصراعات الثانوية .

وقال العقيد عبد الحكيم القحفة ، وهو محلل سياسي وخبير أمني بوزارة الداخلية اليمنية ، فى حوار اجرته معه وكالة أنباء (شينخوا) أن “ذلك حدث عندما غابت مقومات البناء المؤسسي في البلدان العربية فلا توجد رؤى فلسفية تتماشى مع العقيدة والانتماء، ولا توجد سياسات وطنية تكرس استقلالية الإرادة وامتلاك القرار ، ولا توجد خطط إستراتيجية تستلهم ذلك وتبلوره في برامج تنفيذية تخدم مصالح الشعوب والمجتمعات”.

وأشار إلى أن ممارسات الأنظمة العربية لم تكن مستندة في معظمها إلى أي عمل مؤسسي، بقدر ما كانت تعبر عن قرارات ارتجالية عشوائية، تتخذها قلة من الناس بمعزل عن إرادة الشعب، وتنفذ من خلالها أجندة وإملاءات خارجية مفروضة عليها، كما يقول.

واعتبر القحفة ” أن الشعوب العربية تعرضت لمسح هويتها ، وطمس ذاكرتها ، وتزييف حقائق الوضع لديها ، وكانت بالتالي جزءً من اللعبة الدولية.”

وأضاف ” لم تكن مطالب التغيير في بعض دول المنطقة العربية، بداية هذا العام أمراً مفاجئاً، لأن النظام العالمي هو من صنع تلك الأنظمة الحاكمة فيها، و أوصلها في مسالة الفساد ضد شعوبها إلى درجة التشبع، وكأنه كان يعد لهذه المرحلة من سابق”.

وتابع قائلا ” كعادته، تاجر النظام العالمي بآلام الشعوب من خلال شعاراته البراقة والمزيفة، ودفع بقوى لاستثمار هذا الواقع، لأن الأنظمة العربية أفلست، ولم تعد قادرة على تقديم أي شيء بعدما قدمت كل شيء” ، مستعرضاً بعض المعطيات السياسية التي يمكن إعادة قراءتها في ضوء المستجدات الدولية الراهنة التي يشهدها العالم اليوم.

وأضاف ” إن ضغط الديون على الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل تزايد الإنفاق العسكري، هو الآخر يدفعها للبحث عن مخرج لاستعادة عافيتها، وذلك بالمزيد من التوسع العالمي والسيطرة حتى على مربعات المدن”.

وقال القحفة ” كان إعلان الإستراتيجية الأمريكية لحلف شمال الأطلسي في الحادي عشر من يناير العام الجاري بمثابة إعلان حرب خفية (غير معلنة) على المنطقة العربية لتحقيق أهداف تلك الإستراتيجية”.

وأوضح الخبير الأمني ” أن الاضطرابات التي يشهدها المسرح العربي هذه الأيام لن تتوقف قبل أن تتمكن من إكمال سيطرتها على شرق الكرة الأرضية أيضاً.”

وقال ” إن هدف الحرب الخفية يتمثل في السعي للسيطرة على قلب العالم، من خلال منابع النفط وطرق الملاحة بمختلف أنواعها والمواقع المقدسة والمعتقدات الدينية، لإعادة رسم عالم جديد يتماشى مع الفلسفة المادية، ويخنق الشرق فكريا واقتصاديا” ، مضيفا ” هناك من الشواهد ما يدلل على أن الغرب ما زال يستهدف الشرق والجنوب معا ، عن طريق السيطرة على المنطقة العربية “.

وأردف قائل ” إذا نجحت الحرب الخفية في تحقيق أهدافها بالمنطقة العربية، باعتبارها الخنادق الأمامية للقارة الأسيوية، فإن ضحايا تلك الحرب (غير المعلنة) ستمتد إلى شرق الكرة الأرضية “.

وتحدث القحفة عن الاحتجاجات السلمية في اليمن، منتقداً بشدة غياب المرجعية الثورية للمحتجين، وقال ” مع أن أهداف غالبية المحتجين نبيلة ومقاصدهم مشروعة، إلا أن رؤيتهم غير مكتملة وغير مؤهلة، وليس لديهم مرجعية ثورية، خاصة في ظل وجود ثورة يمنية استثنائية بكل المقاييس”.

ويرى أن ” الشباب الثوار لم يفرقوا بعد بين المجلس الانتقالي والمجلس الثوري ، مما يضع الأمور بحد ذاتها في المربعات غير المناسبة ” ، معتقدا بوجود ” قوى خفية تلعب بأوراق المحتجين سلميا ، في ضوء توازنات ملغومة، يكشف عنها غموض المواقف، وتقاسم الأدوار، والتدخلات السافرة في الشأن اليمني ” .

وأشار إلى أن “موروث التبعية وربط المصير الذي تعيشه اليمن ، أفرز المحن للبلاد ، وأوجد فيها مافيا السوق السوداء للتدمير المادي والمعنوي ، وظهور أمراء الحرب، وبروز القوى المرتبطة بالخارج ” .

وقال ” رفعت السلطة والثوار المعتصمون شعار (أمنية ، سلمية) بالتقاسم، واتفقوا على (يمن جديد)، مما يدل على التبعية للخارج ، والصراع في المربع الدولي بالوكالة “.

لافتا إلى أن فئة الشباب هي محل تركيز قوى الخارج واستقطابها، وكذا الكيانات الثانوية في الداخل، لتوظيفهم في تحقيق مشاريعهم السياسية،.

وقال ” إذا تحرر الشباب من عقدة التبعية، فإن الثورة اليمنية ستحقق منجزاً عصرياً لا مثيل له في المنطقة العربية والعالم”.

وأضاف في معرض إجابته عن وضع اليمن في ظل الأحداث التي تشهدها ، بأنها ” تعيش أخطارا قائمة وأخرى محتملة، كما أنها تعيش حالة انفراج ومضايقة من القوى المعادية لليمن في نفس الوقت، فما يحدث في اليمن هو صراع دولي”، محملاً القوى الدولية الفاعلة والمؤثرة على الساحة مسئولية ما يحدث لليمن من تدمير اقتصادي، وانقطاع للخدمات الإنسانية، وترويع للأسر والأطفال والسكان الآمنين.

وعن احتمالات المستقبل، قال القحفة ” إذا انتصرت القوى المعادية في حربها الخفية على اليمن، فإن اليمن سيكون مستقبله مظلما، وستكون العواقب وخيمة، وستسقط الأنظمة العربية بعدها مباشرة، وهو الاحتمال الأول”.

وأضاف ” أما الاحتمال الثاني فهو انتصار إرادة الشعب اليمني، وستكون ثورته في هذه الحالة مفتاحا لإزالة الطغاة في المنطقة العربية، وإعادة الدور العربي في قيادة العالم ومواجهة الظلم وتحرير الإنسان”.

واستبعد العقيد القحفة ، الخبير الأمني في الشئون الجيوسياسية ، انجرار اليمنيين لأعمال الفوضى والسلب والنهب، وقال ” مع أن المخطط يقضي بنشر الفوضى والحرب الأهلية والتشطير وخروج مارد القاعدة من قمقمه، إلا أنه لا مكان لأي منها على أرض اليمن”.

معللا ذلك بأن اليمن بلد حضارة إنسانية عريقة، موصوفة بالحكمة ، ولا يوجد فيها أقليات عرقية أو اثنيه متعددة، فضلاً عن امتلاك أبنائها أعراف وأسلاف اجتماعية يحتكم إليها الناس.

وقال ” لقد سقط خيار الحرب الأهلية بصراع حاشد في أحداث الحصبة ، وسقط خيار الفوضى ونهب الممتلكات العامة في أحداث صعده” ،مؤكدا صعوبة اختزال الثورة السلمية في اليمن أو السيطرة عليها من أي قوى داخلية أو خارجية، نظرا لطبيعة الثورة في اليمن والمؤهلات التي تتفرد بها ، من جوانب مختلفة، ليبقى المطلب الشعبي هو تحقيق الأمن الاجتماعي ، والعيش المشترك، وبناء دولة يسودها النظام والقانون .

/شينخوا/

زر الذهاب إلى الأعلى